حضارة الرسل وكنانة الله
لا يختلف اثنان حول أن الحضارة المصرية القديمة، هي أعرق الحضارات التي سجلها تاريخ البشرية، والتي مازالت حتى يومنا هذا لم تكشف بعد عن كل أسرارها. ولا يمكن لحضارة عظيمة بناءة ومعطاءة في جميع المجالات كحضارة المصريين القدماء أن تكون على هذا القدر من الشموخ دون أن يكون بناؤها على أيدي رسل الله الكرام بحكم كون حضارتهم مصادر الحكمة والمعارف والعلوم الإلهية في هذا الوجود على إطلاقها، مصداقا لقوله تعالى: ( ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما ) . كذلك قوله تعالى: ( ولقد آتينا داود وسليمان علماً ) . ولقد حوت الحضارة المصرية القديمة الكثير مما تشهد به آثارهم ومعجزاتهم من طب وفلك وهندسة ومعمار وزراعة وصناعة.. إلى غير ذلك من معارف وعلوم، تشهد بها آثارهم العديدة حتى اليوم- الأمر الذي يؤكد ارتباط هذه الحضارة بإيمان من حملوها من المصريين القدماء الذين كانوا في تبعية رسل الله الكرام الذين وردوا مصر قديما ، وحدثنا عنهم القرآن الكريم، منهم أبوالأنبياء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأولاده سادتنا إسحق ويعقوب واسماعيل عليهم السلام جميعا، كذلك كل من سيدنا موسى وسيدنا هارون وسيدنا عيسى عليهم جميعا السلام. كما كان سيدنا يوسف عليه السلام وزيرا فيها أيضا، عاش فيها منذ كان طفلا، وانتقل على أرضها.. وغيرهم من رسل الله الكرام.
ولسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة عن مصر ، منها قوله الشريف: "إن الله سيفتح عليكم بعدى مصر ، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لكم فيها نسباً وصهراً" كذلك وصفه صلى الله عليه وسلم لأبنائها بأنهم خير أجناد الأرض، وذلك في حديثه الشريف: ( إذا فتح الله عليكم بمصر، فاتخذوا فيها جنداً كثيفا، فذلكم خير أجناد الأرض، وإنهم وأزواجهم لفي رباط إلى يوم القيامة ) . وفي حديث: ( مصر كنانة الله في أرضه من أرادها بسوء قصمه الله ) ما يؤكد أن كانت ولاتزال بمنزلة جعبة سهام الحق تعالى التي يطلقها المولى عز وجل ضد أعداء الإسلام، دفاعا عن مقدساته وحرماته، لذلك كانت دائما مستهدفة من قبل أعداء الإسلام. وهو ما أثبتته أحداث التاريخ عندما تصدت جيوش المصريين للصليبيين وهزمتهم في حطين والمنصورة والقدس في القرن الثاني عشر، وقضت على جحافل التتار في عين جالوت في 15 رمضان عام 656 هـ ثم كان ولايزال تصديها للغزوة الصهيونية الشرسة التي تجتاح المنطقة العربية من بداية النصف الثاني لهذا القرن وحتى اليوم- ويؤكد بالتالي حقيقة أن أهل مصر كانوا ولا يزالون قوة وبلاغا إلى أعداء الإسلام، إن أبناءها كانوا ولا يزالون نعم العون لقتال أعداء الإسلام والذود عن حياضه.
ـــــــــــ